كتاب القرآن ونقض مطاعن الرهبان-الفصل السادس نقض المطاعن التشريعية (هل الطلاق خطأ)
الوصف
الفصل السادس نقض المطاعن التشريعية
(هل الطلاق خطأ)
خَطَّاَ الفادي القرآنَ في إِباحتِه الطَّلاق. قال: " جاءَ في سورة البقرة: (لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ) .
أَباحَ القرآنُ للرجلِ بإِرادتِه المنفردةِ، بدونِ رجوعٍ لأَحَدٍ في ما يُريد، أَنْ يَهدِمَ أُسرتَه، ويُقَوِّضَ أَركانها، ويُشَتِّتَها، فيوقعُ يَمينَ الطلاقِ على زوجتِهِ، ومن المبكياتِ أَنْ نَرى الرجل المسلمَ إِذا تشاجَرَ خارجَ البيتِ وحَلَفَ اليَمينَ ثلاثاً يَطرُدُ زوجَتَهُ الآمنةَ من بيتِها، لا لسببٍ إلّا لأَنه حَلَفَ في مشاجرةٍ لا ناقةَ للمرأةِ فيها ولا جَمَل! ثم يَقولونَ: " إِنَّ أَبغضَ الحلالِ عندَ اللهِ الطلاق "! فكيفَ يُحَلّلُ اللهُ شَيْئاً يَكرهُه؟ أَليسَ الأَصَحُّ أَنَّ ما يَكرهُه يُحرمُه؟ ".
يمنعُ النصارى الطلاقَ، ولا يوقعونَه إِلّا في حالاتٍ خاصةٍ نادرةٍ جدّاً، تُضبطُ فيها الزوجةُ متلبِّسَةً بالزّنى، وإِذا لم يكنْ تَفاهُمٌ بين الزَّوْجَين عندهم، فإِنَّ كُلّاً منهما يَذهبُ في حالِ سَبيلِه، يَبحثُ الرجلُ عن عشيقاتِه يَزْني بهنّ،
وتَبحثُ هي عن عُشّاقِها يَزْنونَ بها! ومعَ ذلك يَبْقى الزوجانِ أَمامَ الناسِ زوجَيْن، يَربطهُما رباطُ الزواجِ المقَدَّس! لأَنَّ المهمَّ عِندهم هو المحافظَةُ على المظاهرِ الاجتماعية!!.
ولذلك يُحاربون الإِسلامَ الذي أَباحَ الطَّلاقَ، ويُخَطِّئونَ القرآنَ الذي ضَبَطَه ونَظَّمَه، ويَعتبرونَ الطلاقَ عدواناً على المرأةِ وظُلْماً لها.
وإِنَّ اللهَ حَكيم، وهو يَعلمُ أَنَّ بعضَ الأَزواجِ قد لا يكونُ بينهم أُلْفَةٌ وائتلاف، وقد لا يَكتشفونَ هذا إِلّا بعدَ الزواج، وقد تقعُ الخلافاتُ بين الزوجَيْن، ولا تنفعُ معها كُلُّ محاولاتِ الإِصلاح! فما هو الحَلُّ؟
هل الحَلُّ أَنْ يَذهبَ كُلٌّ منهما إِلى حالِ سبيله يَبحثُ عن قضاءِ شهوتِهِ عن طريقِ فاحشةِ الزنى؟ وهل الحلُّ أَنْ يتحوَّلَ بيتُ الزوجيةِ إِلى سجنٍ لهما، يَقضيانِ فيه عقوبةَ السجنِ المؤبَّدِ إِلى أَنْ يَموتَ أَحَدُهما فيَستريحَ الآخَر؟.
الحَلُّ الصحيحُ هو أَنْ يَفْتَرقا بإِحسان، كما اجْتَمَعا بإِحسان، أَيْ أَنْ يُطلِّقَ الرجلُ امرأَتَه، وسوفَ يُعَوّضُه اللهُ خَيراً منها يَتفقُ معها، ويُعوضُها اللهُ خيراً منه تتفقُ معه.
وقد ذَكَرَ الفادي جملةً شائعةً تتردَّدُ على أَلسنةِ الناس، لكنها جملة خاطئة، وهي: " إِنَّ أَبغضَ الحَلالِ إِلى اللهِ الطلاق! ".
وهي خاطئة لأَنَّ اللهَ لا يُحَلِّلُ شيئاً ثم يُبغضُه ويَكرهُه، وإِذا كانَ يَكرهُه فلماذا أَباحَه؟!. اللهُ أَباحَ الطَّلاقَ، وجَعَلَه حَلّاً لمشكلاتٍ بينَ الزوجين، لا تُحَلُّ إِلّا به، وبهذا يكونُ الطلاقُ آخرَ العِلاج، وقد يكونُ آخر العلاج الكَيّ بالنَّار!. ولا نُنكِرُ أَنَّ كَثيراً من الرجالِ يَتَعَسَّفونَ في الطَّلاق، ويُسيئونَ استْخدامَه، فيُطَلّقونَ لأَتْفَهِ الأَسباب، وبذلكَ يَظْلِمونَ الزوجات، ولكنَّ الخَطَأَ يَبْقى مَحْصوراً فيهم، ولا يُلامُ القرآنُ على إباحته إذا أَساءَ الرجالُ استِخْدامَه، والحَلُّ هو أَنْ يُعَلَّمَ وُيرَبّى ويُؤَدَّبَ هؤلاء، بَدَلَ أَنْ يُتَّهَمَ الإِسلامُ بسببِ الطلاق!.