كتاب القرآن ونقض مطاعن الرهبان-الفصل الرابع نقض المطاعن اللاهوتية (حول تكفير الصوم للخطايا)

كتاب القرآن ونقض مطاعن الرهبان-الفصل الرابع نقض المطاعن اللاهوتية (حول تكفير الصوم للخطايا)
154 0

الوصف

                                                    الفصل الرابع نقض المطاعن اللاهوتية 

                                                         (حول تكفير الصوم للخطايا)

وَقَفَ الفادي المفترِي أَمَامَ تكفير صومِ رمضانَ للخطايا، وفَضْلِ ليلةِ القَدْرِ فيه، التي هي خيرٌ من أَلْفِ شَهْر، وأوردَ أَحاديثَ لم تَصح عن رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، ثم اعترضَ عليها.

بعدَما سَجَّلَ آياتِ سورةِ القَدْرِ قال: جاءَ في حديثٍ عن ابنِ عباس: " إذا كانَتْ ليلةُ القَدْرِ أَمَرَ اللهُ جبريلَ أَنْ يَنزلَ إِلى الأَرض، ويَنزلَ معه سَبعُونَ أَلْفَ مَلَك، سُكان سدرةِ المنْتَهى، ومعهم أَلويةٌ من النّور، فَيُرَكّزونَ أَلويتَهم في المسجدِ الحرام ومسجدِ محمد وبيتِ المقدس، ويُرَكِّزُ جبريلُ لواءً أَخضرَ على ظهرِ الكعبة ثم تَتَفرقُ الملائكةُ في أَقطارِ الأَرضين، فيَدْخُلونَ على كُلِّ مؤمن، يَجِدونَه في صلاةٍ أَو ذِكْرٍ، يُسَلِّمون عليه ويُصافحونَه، ويُؤَمِّنونَ على دُعائِه، ويَستغفرونَ لجميع أُمَّةِ محمدٍ حتى مَطْلَعِ الفجر ... "!! وفي حديث آخَر: " إِنَّ اللهَ يُعتقُ في كُلًّ يَوْمٍ من رمضان ستَّمئةِ أَلْفِ عَتيقٍ من النار، فإِذا كانَ آخْرُ يومٍ منه أَعتقَ بقَدْرِ ما مَضى! ".

والحَديثان اللَّذان ذَكَرَهما لَيْسا صحيحين، ولم يَقُلْهما رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، وفيهما مبالغةٌ واضحة غيرُ مقبولة.

وانظرْ إلى شيطنةِ وخُبْثِ الفادي المجرم، في قولِه عن المساجدِ الثلاثة: 

" فَيُرَكّزونَ أَلويتَهم في المسجدِ الحرامِ ومسجدِ محمدٍ وبيتِ المقدس ". الروايةُ التي نقلَها تقول: " المسجدُ الحرامُ والمسجِدُ النبويُّ وبيتُ المقدس ".

فَحَذَفَ المفتري المحَرِّفُ كلمةَ " المسجدِ النبوي "، وَوَضَعَ مكانها " مسجدَ محمد "!.

وذلك ليَنْفي نُبُوَّةَ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -، لأَنه لا يؤمنُ بأَنه رسولُ الله، وإِنما هو كاذب مُفْتَرٍ مُدَّعٍ، ادّعى أَنه نبيّ، وأَلَّفَ القرآن، ولذلك يَحرصُ في كتابِه على حَذْفِ أَيِّ كلمةٍ تُشيرُ إِلى نبوَّتِه، فيحذفُها ويَضَعُ مكانَها اسْمَه المجرَّدَ! حتى لو أَدّى ذلكَ إِلى التلاعبِ بالنَّصِّ الذي أَمامَه وتحريفِه، وهذا مما لا يتفقُ مع الأَمانةِ العلميةِ في التعامُلِ مع النصوصِ المخالفة!.

وقد اعترضَ الفادي على الحديئَيْن اللذين أَوردَهما، وخَطَّاَ القولَ بأَنَّ الصومَ يُؤَدّي إِلى مغفرةِ الخطايا. 

قال: " ونحنُ نَسْأَل: هل مجردُ صومِ رمضانَ يُؤَدّي إلى الخَلاصِ، ويَغفرُ الخَطايا؟ أَلا يُنافي هذا عَدْلَ اللهِ وقَداسَتَه؟ لقد وَفَّقَ اللهُ بحكمَته بينَ عَدْلِه ورحمتِه، وجَعَلَ المسيحَ بتجسّدِه يَموتُ عن الخُطاة، ليخَلِّصَهم من الخطيَّة، ويَمنحَهم القوةَ للعيشةِ بالبِرّ والقَداسَة. إِنَّ الاتكالَ على رحمةِ اللهِ فقط دونَ النظرِ للفداءِ يَطْعَنُ في عَدْلِ الله، فيكونُ اللهُ كمَلِكٍ يُصدرُ قانوناً، ويَتَهاونُ في تنفيذِه، فلا يُعاقِبُ كاسِريه! ".

واعتراضُ الفادي على تَكفيرِ الصوْمِ للخَطايا دَليلِّ على جهْلِه، فالمؤمنُ عندما يَصومُ يَقومُ بجهدٍ وعَمَلٍ وكسْب، ويَفعلُ الخير، مُتَقَرِّباً به إِلى الله، ويُكافؤُه اللهُ على جهدِه وعملِه بتكفيرِ خطاياه، ومضاعفةِ حَسَناتِه، وماذا في ذلك؟ ولماذا لا يَتفقُ هذا التكفيرُ مع عَدْلِ الله؟ ولماذا يُؤَدّي القولُ بهذا إِلى اتِّهامِ اللهِ بالتهاونِ في تَنفيذِ عِقابِه والتراجعِ عنه؟!. 

إِنَّ اللهَ واسعُ المغفرة، يتقبَّلُ الصالحاتِ من عبادِه الصالحين، ويَتعامَلُ معهم برحمتِه وكَرَمِه، فيضاعِفُ لهم الحسنات، وهو يُريدُ منهم أَنْ يَتَّقوهُ ويُطيعوه، فإِذا أَذْنَبوا ثم تَابوا واسْتَقاموا، وعَمِلوا الطاعات، فيقبَلُهم ويَعفو عنهم، واللهُ غفورٌ رحيم، يَغمرُ التائبين العابدين برحمتِه وفَضْلِه!!.

وأَيُّهما الأَدْعى للإِنكارِ والاعتراضِ والتخطئة؟ فكرةُ الإِسلام عن تكفيرِ العباداتِ من صلاةٍ وصوم للذنوبِ والخطايا، أَو فِكرةُ النصرانيةِ عن الخَلاص والفداء؟

التي تَقومُ على أَنًّ اللهَ ضحَّى بابنِه المسيح، وأَذِنَ أَنْ يُقْتَلَ ويُصْلَبَ ليكونَ فادياً للناسِ جميعاً، وكان دَمُ ابنِه المسيح المسفوكُ تَكفيراً لجميعِ ذُنوبِ المذنبين حتى قيامِ الساعة! ولا داعي لأَنْ يَتوبَ هؤلاء المذنبون، ولا أَنْ يَسْتَغْفِروا الله، ولا أَنْ يَعْمَلوا الصالحات، ولا أَنْ يَتَوَقَّفوا عن المعاصي! فاللهُ ضَحَّى بابنِه المخَلِّصِ الفادي من أَجْلِهم!! باللهِ هذا كلامٌ؟! وهذا دين؟! وقائلُ هذا الكلامِ هل هو مُوَحِّدٌ لله؟ وهل هو مُؤَهَّلٌ للاعتراضِ على الإِسلام وتخطئتِه في كلامِه عن تكفيرِ الخطايا بالعملِ الصالح؟ صَدَق في كلامِ الفادي الجاهلِ قَولُ الشاعر: هذاكَلامٌ لَهُ خَبيءٌ ... مَعْناهُ لَيْسَتْ لنا عُقولُ.