كتاب القرآن ونقض مطاعن الرهبان-الفصل الخامس نقض المطاعن اللغوية (المبتدأ مؤنث والخبر مذكر)
الوصف
الفصل الخامس نقض المطاعن اللغوية
(المبتدأ مؤنث والخبر مذكر)
قال تعالى: (إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) .
خَطَّأَ الفادي الجاهلُ الآيةَ لأَنَّ خَبَرَ " إنَّ " مُذَكَّرٌ (قَرِيبٌ) ، مع أَنَّ اسْمَها مُؤَنَّث (رَحْمَتَ اللَّهِ) ، والأَصْلُ أَنْ يَتْبَعَ الخَبرُ المبتدأَ في التذكيرِ والتأنيث، فالأَصْلُ أَنْ تكونَ الآيةُ هكذا: إِنَّ رحمةَ الله قريبةٌ من المحسنين.
ولتَوجيهِ تَذْكيرِ خَبَرِ " إِنَّ " في الآية نَقول: يَجبُ أَنْ يَتبعَ الخَبَرُ المبتدأَ في التذكيرِ والتأْنيث، إِذا كانَ المبتدأُ مُؤَنَّثاً تَأْنيثاً حَقيقياً، ولم يَفْصِلْ فاصلٌ بينَ المبتدأ والخَبَر.
تَقُولُ: عائشةُ قريبة منا. فإِذا كانَ تأنيثُ المبتدأ غيرَ حقيقيّ جازَ في خَبَرِه التَّذكيرُ والتَّأْنيث.
وتَأنيثُ (رَحْمَتَ) غيرُ حقيقيّ؟ لأَنها ليستْ أُنثى حقيقية.
وقد فَصَلَ لَفْظُ الجلالةِ (اللهَ) بين اسْمِ " إِنَّ " وخَبَرِها: (إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) .
وهذه الآيةُ كقولِه تعالى: (وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا) ، فتأنيثُ الساعةِ غيرُ حقيقي، وفَصَلَ فعلُ (تكونُ) بين الكلمتَيْن، فجاءَتْ كلمةُ (قَرِيب) مُذَكَّراً وليستْ مؤنثة!.
وهناكَ حكمة أُخْرى لتذكيرِ خَبَرِ " إِنَّ " في الآية، وهي أَنَّ كلمةَ (قَرِيب) مجاورةٌ لكلمةِ " الله "، فمن غيرِ المناسب أَنْ تُؤَنَّث (قَرِيب) ، لهذه المجاورة اللفظية، من بابِ تنزيهِ اللهِ عن شُبهةِ التأَنيثِ اللفظي!!