كتاب القرآن ونقض مطاعن الرهبان-الفصل الثاني نقض المطاعن التاريخية (كيف احتال إخوة يوسف - عليه السلام - على أبيهم؟)
الوصف
الفصل الثاني نقض المطاعن التاريخية
(كيف احتال إخوة يوسف - عليه السلام - على أبيهم؟)
ذَكَرَ القرآنُ أَنه لما تآمَرَ إِخوةُ يوسفَ عليه، واتَّفَقوا على أَنْ يَطْرَحوهُ في غَيابةِ الجُبِّ، احْتالوا على أَبيهم، ليوافِقَ على إِرسالهِ معهم، وأَوهموهُ أَنَّهم يُريدونَ مصلحةَ الصَّغير، ليرتعَ ويلعبَ ويقفزَ ويمرح.
قال تعالى: (قَالُوا يَا أَبَانَا مَا لَكَ لَا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ (١١) أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (١٢) قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ (١٣) قَالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذًا لَخَاسِرُونَ (١٤)) .
وحاكَمَ الفادي المفترِي ما وردَ في هذه الآياتِ إِلى سِفْرِ التكوين، فلم يَجِدْ فيه كَلاماً عنه، وَوَجَدَ فيه كَلاماً آخَر، فحكَمَ بردِّ ما في الآيات، واعتبارِه من أَخطاءِ القرآنِ التاريخية.
وتساءَلَ بخُبْثٍ ولُؤْم قائلاً: " ونحنُ نسأَلُ: من أَينَ جاءَتْ هذه المعلوماتُ؟ معَ أَنَّ التوارةَ لا تقولُ: إِنَّ إِخوةَ يوسفَ طَلَبوا من أَبيهم أَنْ يُرْسِلَه معهم ليلعب، ولا اتَّهَمَ يَعقوبُ أَولادَه بالغفلةِ عن يوسفَ حتى يأكُلَهُ الذئب! لكنَّ الواقعَ أَنَّ يَعقوبَ أَرسلَ يوسفَ ليسأَلَ عن سلامةِ إِخوتِه، ولما رأَوْهُ قالوا: هُو ذا صاحبُ الأَحلامِ قادم. فالآنَ هَلُمَّ نَقْتُلْه ونَطْرَحْه في إِحدى الآبار، ونقول: وَحْشٌ رديءٌ أَكله، فنرى ماذا تكونُ أَحلامُه. [تكوين: ٣٧/ ١٩ - ٢٠] . ولما باعوهُ للإسماعيليّين أَخَذوا قميصَه، ولَوَّثوهُ بِدَمِ جدْي، وأَحضروهُ إِلى أَبيهم، ليوهموهُ أَنَّ ذِئْباً أَكَلَه.. "
إِذا وَرَدَ في القرآنِ كلامٌ عن أَمْرٍ، ووردَ في الكتابِ المقَدَّسِ كَلامٌ آخَرُعن الأَمْرِ نفسِه، يَتَعارَضُ مع ما وردَ في القرآن، فالصَّحيحُ عندنا هو ما وَرَدَ في القرآن، لأَنه كلامُ الله، ولا أَحَدَ أَصْدَقُ من الله، وكلُّ ما خالفَه وعارضَه نحكمُ بأَنه خطأٌ وباطلٌ ومردود. وهذه بدهيَّةٌ إِيمانيةٌ مقررةٌ عندنا. ذَكَرَ القرآنُ أَنَّ الإِخوةَ تآمَرُوا على يوسفَ ليتخلَّصوا منه، وتَحايَلوا على ذَكَرَ القرآنُ أَنَّ الإِخوةَ تآمَرُوا على يوسفَ ليتخلَّصوا منه، وتَحايَلوا على أَبيهم، ليأذنَ بخروجِه معهم، وأَوهموه بِأَنَّهُمْ يُريدونَ مصلحَتَه، بأَنْ يَخرجَ مَعَهُمْ ليرتعَ ويَلعبَ، ولما ذَكَرَ لهم يَعقوبُ بأَنه يَخافُ أَنْ يَغْفَلُوا عنه، ويَأكُلَه الذئب، طَمْأَنوهُ، بأَنَّ ذلك لَنْ يكون، لأَنهم حَريصونَ عليه، حافِظونَ له.
وهذا معناهُ أَنَّ اعتراضَ الفادي عليه مردود، وتخطئَتَه له هي الخطأُ الكبيرُ الذي وَقَعَ هو فيه، لأَنَّهُ اعتمدَ على كلامِ سِفْرِ التكوين عنه، وهو من تأليفِ الأَحبار، الذين حَرَّفوا كلامَ الله، ومَزَجوهُ بأَقوالِهِمْ وأَكاذيبهم ومَزاعمِهم!!. الذي وردَ في سِفْرِ التكوينِ: أَنَّ يَعقوبَ كان يسكنُ في " النَّقَبِ " في جنوبِ فلسطين.
وذهبَ أَبناؤُهُ العشرةُ من النَّقَبِ في الجنوب إِلى شَكيمَ - هي نابلس - في الشمالِ يَرْعَوْن غَنَمَهم، وقَلِقَ يعقوبُ عليهم، ولم يكنْ عندَه إِلّا ابْنُه يوسفُ، وكان طِفْلاً صغيراً، فطلبَ منه أَنْ يَذْهَبَ إِلى إِخوتِه ليطمئنَّ عليهم! وسارَ الطفلُ وَحْدَه، وقطعَ المسافةَ من الجنوبِ إِلى الشمالِ وحده، واجتازَ منطقةَ النقبِ والخليل وبيتَ لحم والقدس ورام الله وحْدَه، وهي مسافة طويلة، يستغرقُ عُبورُها عدةَ أَيام!!! ووصلَ إِلى إِخوانِه في منطقةِ شكيم، وكانوا يَرعونَ مواشيهم، وكانوا يَكْرَهونَ يوسف، فلما رأَوه قادماً إِليهم تآمَروا على إِلقائِه في أَحَدِ الآبارِ على الطريقِ ليتخلَّصوا منه، فهجَموا عليه، وجَرَّدوهُ من قميصه الموَشَّى، وأَلْقوهَ في بِئْرٍ، وذَبَحوا جَدْياً، ولَطَّخوا القميصَ بدمِه، وزَعَموا لأبيهم أَنَّ ذِئْباً أَكلَه!!.
وإِذا كان الفادي يَعتمدُ هذا الكلام، لأَنه يؤمنُ أَنَّ كُلَّ ما في الكتابِ المقَدَّس صحيح، فإِننا لا نَعتمدُه ولا نقولُ به، لأَنه يُخالفُ ما ورَدَ في القرآن، وأَيُّ كلامٍ يَتَعارضُ مع القرآنِ مردودٌ عندنا!!.