كتاب القرآن ونقض مطاعن الرهبان-الفصل الثاني نقض المطاعن التاريخية (قارون الإسرائيلي الكافر)

كتاب القرآن ونقض مطاعن الرهبان-الفصل الثاني نقض المطاعن التاريخية (قارون الإسرائيلي الكافر)

الوصف

                                                    الفصل الثاني نقض المطاعن التاريخية

                                                       (قارون الإسرائيلي الكافر)

أَخْبَرَنا اللهُ في القرآنِ عن قارونَ وكفرِه وغِناه، وأَنَّه كان إسرائيليّاً كافراً،قال تعالى: (إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ) .

وكانتْ نهايةُ قارونَ سيئةً، حيثُ خَسَفَ اللهُ به وبدارِه الأَرض.

 قال تعالى: (فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ (٨١)) .

وقد خَطَّأَ الفادي القرآنَ، ونَقَلَ عن السابقينَ أَنَّ قارونَ هو مَلِكُ ليديا في القرنِ السادسِ قبلَ الميلاد، وذَكَرَ الأَحبارُ في الكتاب المقَدَّسِ أَنَّ الذي خرجَ على موسى هو قورحُ وليس قارون.

قال: " ومعروفٌ أَنَّ قارونَ القرآن هو كروسوس ملكُ ليديا (٥٦٠ - ٥٤٦ ق. م) ، وهو عَلَم على الغِنى، بينَ العربِ وغيرهم. ولا يوجَدُ ما يُبَرِّرُ خَلْطَه بقورَح، الذي وَرَدَ ذكْرُه في التوراة، فلا علاقَة لقارونَ بقورح، الذي ثارَ على داثان وأَبيرام على موسى، فَفَتَحت الأَرْضُ فاها وابْتَلَعَتْهم ".

لا دليلَ على أَنَّ ملكَ ليديا في القرنِ السادس قبلَ الميلاد كان اسْمُه قارون، وكلامُ المَؤَرِّخين ليس يقينياً قاطعاً، إِنما هو محتملٌ للصحةِ والخَطَأ، فلا يُعْتَمَدُعليه.

وكلامُ الأَحبارِ أَيضاً ليس يَقينيّاً، فلا يُعْتَمَدُ عليه، ولا يُحْكَمُ به على كلامِ اللهِ في القرآن، ولذلك لا نقول: إِنَّ قورحَ هو الذي خرجَ على موسى - صلى الله عليه وسلم -، مع اثنيْنِ من بني إِسرائيل، وأَنَّ اللهَ خَسَفَ بالثلاثةِ في البرية. ونتوقَّفُ في هذا الكلامِ الذي ذَكَرهُ الأَحْبار، فلا نُصَدّقُه ولا نُكَذِّبُه. والذي نقولُه ونؤمنُ به أَنَّ قارونَ المذكورَ في القرآنِ ليس هو قارونَ ملكَ ليديا، ولا قورحَ الذي خَرَجَ على موسى، قارونُ المذكورُ في القرآنِ إِسرائيليّ من قومِ موسى، وقد أَغناهُ الله، وآتاهُ من الكنوزِ ما يعجزُ الرجالُ الأَشدّاءُ الأَقوياءُ عن حَمْلِه، واختارَ الكفْرَ والبغيَ والطغيان، وانحازَ إِلى فرعونَ ضدَّ قومِه الإِسرائيليين، واستخدمَ أَموالَه وكنوزَه في محاربةِ موسى - صلى الله عليه وسلم - وأَتْباعِه، ولم يَستجبْ لنصْحِ الناصحين المؤمنين، فعاقَبَه اللهُ وخَسَفَ به وبدارِه الأَرض، قال تعالى: (فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ (٨١)) .

والراجحُ أَنَّ قارونَ الإِسرائيليَّ كان قد انضمَّ إِلى فرعونَ ضدَّ بني إِسرائيل، قبلَ أَنْ يبعثَ اللهُ موسى - عليه السلام - نبيّاً إِلى فرعون، ولذلك أَرسلَه اللهُ نبيّاً إِلى الطُّغاةِ الثلاثة: فرعونَ وهامانَ وقارون.

قال تعالى: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ (٢٣) إِلَى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ (٢٤)) .

والراجحُ أَنَّ اللهَ خَسَفَ بقارونَ ودارِه الأَرض في مصر، قبلَ أَنْ يَخرجَ بنو إِسرئيل منها!!.