كتاب القرآن ونقض مطاعن الرهبان-الفصل الثاني نقض المطاعن التاريخية (حول أبي مريم وأخيها)
الوصف
الفصل الثاني نقض المطاعن التاريخية
(حول أبي مريم وأخيها)
ذَكَرَ القرآنُ اسْمَ والدِ مريم - عليها السلام - أَنه عمران. قال تعالى: (وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ (١٢)) .
وذَكَرَ اسمَ أَخيها أَنَّه هارون. قال تعالى: (فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا (٢٧) يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (٢٨)) .
ومن المعلومِ أَنَ اسْمَ والدِ موسى - عليه السلام - عمرانُ، وأَنَّ اسْمَ أَخيه هارونُ - عليه السلام -.
فكيفَ يكونُ عمرانُ والداً لموسى ولمريم، وبينَهما مئاتُ السنين؟ وكيفَ يكونُ هارونُ أَخاً لموسى ولمريم، وبينهما مئاتُ السنين؟. اعتبرَ الفادي هذا خَطَأً تاريخيّاً في القرآن.
قال: " ونحنُ نسأَل: يَقول الإِنجيلُ: إِنَّ مريمَ العذراءَ هي بنتُ هالي ألوقا: ٣ / ٢٢،، فكيفَ يقول القرآنُ: إِنها بنتُ عمران أَبي موسى النبي، وإِنها أُخْتُ هارون؟ مع أَنَّ بينَها وبينَ هارون وموسى وعمران أَلفاً وستمئة سنة! ". قال القرآن: اسْمُ والدِ مريم هو عمران.
وقال إِنجيلُ لوقا: إِنَّ اسْمَه هو هالي! فما الذي نأخُذُه ونقول به؟.
سبقَ أَنْ ناقَشْنا هذا الأَمْرَ في الموضوعِ السابق، حول والدِ إِبراهيمَ - صلى الله عليه وسلم -، ونَدعو إِلى أَنْ نَستحضرَه هنا، فما قُلناهُ هناك عن التوراة، يَصلحُ أَنْ يُقال هنا عن الإِنجيل.
إِنَّ المعتمدَ هو ما قالَه القرآن، لأَنه هو المحفوظُ الصواب، فاسْمُ والدِ مريمَ هو " عمرانُ "، واسمُ " هالي " في إِنجيلِ لوقا مردود، لتعارُضِه مع الاسمِ الواردِ في القرآن.
كيفَ عمرانُ والدُ موسى ووالدُ مريم؟ وكيفَ هارونُ أَخو موسى وأَخو مريم؟ وبينَ موسى ومريمَ أَلْفٌ وستمئة سنة؟ هذا خطأٌ تاريخى في القرآنِ في نظرِ الفادي! وهذا بسببِ جهلِ الفادي وغبائِه.
إِذا كانَ اسْمُ والدِ مريمَ عمرانَ، فلا يلزمُ أَنْ يكونَ هو عمرانَ والدَ موسى - صلى الله عليه وسلم -، فهما رَجلانِ كل منهما اسْمُه عمران.
الأَوَّل: عمرانُ والدُ موسى - صلى الله عليه وسلم -، والثاني: عمرانُ والدُ مريم.
وَهناك رَجلانِ آخَران، كلّ منهما اسْمُه هارون. الأَوَّل: هارونُ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، أَخو موسى - صلى الله عليه وسلم -.
والثاني: هارونُ أَخو مريمَ - عليه السلام -
ومن المعلومِ أَنَّ النَّاس الصّالحينَ يُسَمّون أَبناءَهم بأَسماءِ الأَنبياءِ والصالحينَ السابقين، تَفاؤُلاً وتَيَمُّناً وبَرَكَة، فكمْ من المسلمينَ مَنْ يُسَمّي ابْنَه باسمِ محمدٍ، على اسمِ نبيِّنا محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -، وكم منهم مَنْ يُسَمّي ابنَه على اسمِ عمرَ أَو عثمانَ أَو على أَو خالدٍ رضي الله عن أَصْحابِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أجمعين.
فلم يقع القرآنُ في خطأ تاريخيٍّ، عندما أَخْبَرَ أَنَّ اسْمَ والدِ مريمَ على اسْمِ والدِ موسى، واسْمَ أَخيها على اسْمِ أَخي موسى.
فعمرانُ والدُ مريمَ غيرُ عمران والد موسى، وهارونُ أَخو مريمَ غيرُ هارونَ أَخي موسى - صلى الله عليه وسلم -، لأَنَّ بين العِمْرانَيْنِ والهارونَيْن حوالي أَلفٍ وستمئة سنة!!.
وقَديماً أَثارَ الرهبانُ هذا الاعتراضَ على القرآن، زمنَ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وحَلَّ الرسولُ - صلى الله عليه وسلم - هذا الاعتراض.