تصويبات في فهم بعض الآيات - رفض الفهم الخاطئ للقرآن
الوصف
تصويبات في فهم بعض الآيات
رفض الفهم الخاطئ للقرآن
وتيسير القرآن للذكر والفهم لا يعني أن يكون القول في معانيه ومفاهيمه بدون ضوابط، ولا أن يكون الباب مفتوحاً لكل من هبَّ ودبَّ، ولكل صاحب هوىً مغرض، أو نفسٍ خبيثة، أو جهلٍ قاتل. إنه لا بد من ضوابط وقواعد للقول في معاني القرآن، ولا بد من آدابٍ وشروط لتفسيره، والحديث عن مفاهيمه.
إنه لا يجوز أن يُقال في الآيات بدون علم، ولا أن يخرج أحد منها بغير ما توحي به، وتدل عليه، وتشير إليه، فلا يمكن أن يقع التناقض بين آيات القرآن، ولا التعارض بين معانيه وأحكامه.
لقد ذم القرآن الكريم الذين يُقبلون عليه بالتحريف والتشويه، فيُجزِّئونه ويُقسِّمونه.
قال تعالى: {كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ (٩٠) الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ}، ومعنى جعلوا القرآن عضين أي " مفرقاً ". فقالوا كهانة، وقالوا أساطير الأولين، إلى غير ذلك مما وصفوه به.
وقيل: معنى عضين: ما قال الله: {أَفَتؤمِنونَ بِبَعْضِ الكِتابِ وَتَكْفُرونَ بِبَعْضٍ} خلاف من قال فيه {وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ}.
ونحن نختار المعنى الثاني لأنه هو الأنسب للسياق، والأكثر اتفاقاً مع فهم القرآن والتعامل معه.
بل هذا القول هو المتفق مع فهم الصحابة للآية، فقد روى البخاري وجماعةٌ عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: الذين جعلوا القرآن عضين: هم أهل الكتاب، جَزَّأوه أجزاء، فآمنوا ببعضه وكفروا ببعضه ".
فإذا كانت الآية تنكر على أهل الكتاب تجزئتهم للقرآن، حيث آمنوا ببعض وكفروا ببعض، وترفض منهم هذا التقسيم المرفوض، فإنها تتوجه إلى كل من فعل ذلك، لتنكر عليه فهمه الخاطئ لآيات القرآن، وتحريفه لمفاهيمها، وتشويهه لمعانيها، وتوظيفه لهذه الآيات كي تشهد لرأيه الفاسد، وتنصر فكره الباطل، وتدعم تلاعبه بدين الله وأحكامه وتشريعاته.