التعامل مع القرآن - مقاصد القرآن ( التقوى في القرآن )

التعامل مع القرآن - مقاصد القرآن ( التقوى في القرآن )
405 0

الوصف

مقاصد القرآن
التقوى في القرآن

والله تعالى يأمر المؤمنين بالتقوى قبل أوامره سبحانه، لتكون حافزا لهم على امتثال ما يأمر به، كما في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (المائدة: 35) ، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ)(الأحزاب: 70، 71) ، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ)(التوبة: 119) ، (فَاتَّقُوا اللهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُم مُّؤْمِنِينَ) (الأنفال: 1)

ويذكر القرآن التقوى أحيانا قبل النواهي، لتكون دافعا للانتهاء عنها، كما في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنْتُم مُّؤْمِنِينَ (278) فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ)(البقرة: 278، 279)

كما يذكر القرآن التقوى عقب الأوامر والنواهي، لتكون باعثا على الالتزام بها، نجد ذلك في آيات كثيرة من سورة البقرة: (وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)(البقرة: 189) ، (فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) (البقرة: 194) ، وبعد حديث عن إرضاع الأولاد: (وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) (البقرة: 233)

وفي آخر آية المداينة: (وَاتَّقُوا اللهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)(البقرة: 282)

وفي سورة آل عمران يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (آل عمران: 200)

وفي سورة النساء: (وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)(النساء: 1)

وفي سورة المائدة: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) (المائدة: 2)

ومثل هذا كثير في القرآن.

بل يقص علينا القرآن أن الرسل جميعا دعوا أقوامهم إلى تقوى الله، كما نجد في سورة الشعراء، نوحا وهودا وصالحا ولوطا وشعيبا يقول كل منهم لقومه: (فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ)

ولهذا جعل القرآن وصية الله للأولين والآخرين هي التقوى، كما قال تعالى: (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللهَ)(النساء: 131)

ولم يكتف القرآن من المؤمنين بمجرد التقوى، بل قال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُم مُّسْلِمُونَ) (آل عمران: 102) ، ومعناه: بذل الجهد واستفراغ الوسع في تقواه عز وجل، في حدود الطاقة والاستطاعة، كما قال تعالى في الآية الأخرى: (فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ)(التغابن: 16) ، وليست هذه الآية ناسخة للآية الأخرى، بل مبينة لها: أن تقوى الله حق تقواه إنما تطلب في إطار المقدور للمكلف، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها، وفي الصحيح: "إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم".

والتقوى لا تعني العصمة من الذنوب، والمتقون ليسوا ملائكة أطهارا، ولا أنبياء، بل هم بشر يصيبون ويخطئون، ومزيتهم هي رهافة حسهم، ويقظة ضمائرهم، كما قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ)(الأعراف: 201) فإذا زلت قدم أحدهم إلى المعصية فسرعان ما يثوب إلى رشده، ويتوب إلى ربه، ويقرع بابه مستغفرا، كما قال تعالى في وصف المتقين من عباده: (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (آل عمران: 135)