التعامل مع القرآن - خصائص القرآن (القرآن كتاب إلهي)

التعامل مع القرآن - خصائص القرآن (القرآن كتاب إلهي)
475 1

الوصف

خصائص القرآن 
القرآن كتاب إلهي

أولى خصائص القرآن: أنه كتاب الله تعالى، الذي يتضمن كلماته إلى خاتم رسله وأنبيائه محمد عليه الصلاة والسلام.

فهو إلهي المصدر: مائة في المائة (100%) لفظا ومعنى، أوحاه الله إلى رسوله ونبيه محمد صلى الله عليه وسلم عن طريق (الوحي الجلي) وهو نزول (الرسول الملكي) جبريل على (الرسول البشري) محمد، وليس عن طرق الوحي الأخرى من الإلهام أو النفث في الروع، ومن الرؤيا الصادقة، أو غيرها.

يقول الله تعالى: (كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ)(هود: 1)

وقال سبحانه يخاطب رسوله: (وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ)(النمل: 6) (وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا) (الإسراء: 105)

وقد قال بعض العلماء في قوله تعالى: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي)(الإسراء: 85) إن الروح المسئول عنه في الآية هو القرآن، فإن السياق قبله وبعده يتحدث عن القرآن، وهو لا شك روح من أمر الله تبارك وتعالى.

وربما يدل لذلك قوله تعالى في أوائل سورة النحل: (يُنَزِّلُ الْمَلاَئِكَةَ بِالْرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَّشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاتَّقُونِ)(النحل: 2)

كما يؤكده قوله تعالى في أواخر سورة الشورى: (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلاَ الإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا)(الشورى: 52)

فالقرآن روح رباني تحيا به العقول والقلوب، كما أنه دستور إلهي ينظم حياة الأفراد والشعوب.

وقد اقتضت حكمة الله تعالى أن ينزله مُنَجَّمًا وفقا للحوادث، ليكون أرسخ في القلوب، وأوقع في العقول، وهو يعالج الوقائع بآيات الله، ويرد على الأسئلة، ويثبت فؤاد الرسول في مواجهة المحن والشدائد التي تنزل به وبأصحابه، كما قال تعالى: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلاَ نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً (32) وَلاَ يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلاَّ جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا)(الفرقان: 32، 33)

وحكمة أخرى، وهي أن يقرأه الرسول الكريم على المؤمنين به على مهل، بحيث يستوعبونه حفظا وفهما وعملا، كما قال عز وجل: (وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلاً)(الإسراء: 106)

ولكن القرآن عند الله تعالى كتاب معلوم أوله وآخره، مسجل في أم الكتاب أو اللوح المحفوظ أو الكتاب المكنون، كما صرح بذلك القرآن نفسه: (حم (1) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (3) وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ) (الزخرف: 1-4) ، (بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ (21) فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ) (البروج: 21، 22) ، (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (77) فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ (78) لاَ يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ (79) تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ)(الواقعة: 77-80)

يجب أن ينظر إلى القرآن بوصفه "كلام الله" تعالى، المعبر عما يحبه ويرضاه من خلقه، كما قال تعالى: (وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ)(التوبة: 6)

ليس لجبريل –أمين الوحي- من القرآن إلا نقله من (أم الكتاب) أو (اللوح المحفوظ) إلى قلب محمد، كما قال تعالى: (وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ)(الشعراء: 192-195)

وليس لمحمد منه إلا قراءته وحفظه حتى لا يُنْسَى، كما قال تعالى: (سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تَنسَى)(الأعلى: 6) ، (لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ)(القيامة: 16، 17) (وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَ لاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا)(الكهف: 27)

وقد كان من مهمة الرسول صلى الله عليه وسلم تلاوة آيات الله على الناس، كما قال تعالى: (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ) (الجمعة: 2)

ثم ترتيله وتدبره: (وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً)(المزمل: 4)

(كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الألْبَابِ)(ص: 29)

ثم تبليغه إلى الناس كما أنزل، كما قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ)(المائدة: 67)

وقد بلغ عليه الصلاة والسلام كل ما أنزل إليه من ربه إلى الناس عامة، وإلى أصحابه خاصة، فحفظوه في صدروهم، وتلوه بألسنتهم، وكتبه (كتاب الوحي) بأيديهم.

قالت عائشة: لو كان محمد كاتما شيئا مما أنزل عليه لكتم هؤلاء الآيات:( وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ)(الأحزاب: 37) ، (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ) (التحريم: 1)

ثم بعد ذلك يبينه للناس بما علمه الله، كما قال تعالى: (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)(النحل: 44)

فمن أراد أن يفهم القرآن أو يفسره، فليعد له عدته، وليتأهب له عقليا وعلميا ونفسيا، فإنما هو مخلوق يفسر كلام الخالق، وهو مخلوق يمثل ما في المخلوقات من قصور وعجز ومحدودية بحدود الزمان والمكان والإمكان، أمام الواحد القهار، الذي لا يحد علمه ولا مشيئته ولا قدرته شيء.