التعامل مع القرآن - خصائص القرآن (افتراء العشماوي على مصحف عثمان)

التعامل مع القرآن - خصائص القرآن (افتراء العشماوي على مصحف عثمان)
406 0

الوصف

خصائص القرآن
افتراء العشماوي على مصحف عثمان

ومما نعجب له: أن نجد أحد فروخ العلمانية: ودعاة التغريب والتبعية في عصرنا، ينكر على عثمان ما فعله في كتابة المصحف، زاعما أنه ألغى بعمله الأحرف السبعة التي رخص الرسول في القراءة بها، والذي ادعى أنه كان يجيز فيها القراءة بالمعنى!

هذا ما ادعاه المستشار سعيد العشماوي، وهي دعوى لم يقلها أحد من الأولين ولا الآخرين. وهي مردودة من وجوه:

الأول: أن عثمان لم يصنع شيئا جديدا، بل اعتمد على ما صنعه أبو بكر، بإشارة عمر وموافقة الصحابة، ولهذا كان إمامه الصحف التي كانت عند حفصة، وكل ما صنعه هو إلغاء المصاحف الفردية التي لم تخل من شروح وتعليقات.

الثاني: أن الأحرف السبعة لم تسمح للمسلمين أن يقرءوا بالمعنى كما يشاءون، إنما أجازت لهم أن يقرءوا بلهجاتهم، وما لانت به ألسنتهم، رخصة من الله لهم، ومن المعلوم الثابت: أن القرآن موحى به بلفظه ومعناه، وأنه معجز بصياغته ونظمه، كما هو معجز بمعانيه ومضامينه. ولهذا أجمع علماء الأمة على منع قراءة القرآن بالمعنى، على حين أجاز كثير منهم رواية الحديث بالمعنى.

ومن المعلوم أن الأحرف السبعة كلها منزلة من الله تعالى. ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب وهشام بن الحكيم، حين اختلفا في حرف من سورة الفرقان:

"هكذا أنزلت"

، ثم قال:

"إن هذا القرآن نزل على سبعة أحرف، فاقرءوا ما تيسر منه".

فلم تترك الأحرف السبعة لرغبات الأفراد ولا لآرائهم، يغير كل منهم في كتاب الله ما شاء، بل هي مما نزل به الوحي، وعرضه جبريل على الرسول، وليس لأحد أن يبدل في كتاب الله حرفا من عند نفسه، حتى الرسول نفسه، أمره الله أن يقول للمشركين: (قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ)(يونس: 15)

الثالث: أن الأحرف السبعة لم تلغ تماما في مصحف عثمان، إلا على قول من الأقوال، ذهب إلى أنها كانت رخصة في أول الأمر، ولم تكن واجبة على الأمة حتى تعصي بتركها أو إهمالها، وقد انتهى وقت هذه الرخصة فلم تعد في حاجة إليها. وهناك رأي يقول: إن الأحرف السبعة لم تلغ، بل بقيت في المصحف كلها، وهي أساس اختلاف القراءات السبع أو العشر أو غيرها، التي لا تزال إلى اليوم.

وهناك رأي جمهور العلماء وهو أن المصاحف العثمانية اشتملت على ما يحتمله رسمها من الأحرف السبعة، وبين هذه المصاحف اختلاف يسير، ولعل هذا هو الراجح في هذا الموضوع.

فكيف يقول العشماوي عن عمل عثمان، الذي جمع به الناس على مصحف واحد: إنه "ضيع الإنسان المسلم، فدخل في طور الجمود والتقليد وعدم الاجتهاد، لأنه جعل منه إنسان النص لا المعنى، إنسان النقل لا العقل، إنسان الحرف لا الروح". ؟!

ولا أدري ما الذي يضيع الإنسان المسلم إذا وجد له مرجعية إلهية ثابتة لا يتطرق إليها شك، ولا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها؟!

وإنا لنعجب أن يجعل العشماوي حفظ القرآن بمعانيه وألفاظه من التحريف والتبديل: نكبة على المسلمين، ضيعت الإنسان المسلم! وهو الأمر الذي تعتز به الأمة، وتفخر به على كل أصحاب الأديان والكتب الأخرى. إننا لا نملك هنا إلا أن ننشد قول البحتري:

إذا محاسني اللاتي أَدَلُّ بها         كانت ذنوبي، فَقُلْ لي كيفَ أعتذرُ؟!

وقد كفانا صديقنا الدكتور محمد عمارة مئونة الرد على هذه الدعوى الكاذبة، وبين أنها فرية ما فيها مرية، في كتابه القيم "سقوط الغلو العلماني" فليراجع.